محمد وليل
عدد المساهمات : 7 تاريخ التسجيل : 23/01/2011 العمر : 37
| موضوع: واقع تعليمي مغربي وأسطر متواضعة... الأحد 12 يونيو 2011, 12:05 | |
| يعرف التعليم المغربي أزمة خانقة منذ عدة عقود، حيث فشلت كل المحاولات الإصلاحية في إخراجه من النفق المسدود الذي و صل إليه بسبب السياسات التعليمية المرتجلة و المتعاقبة… إزاء هذه الوضعية الشاذة يبقى التلميذ هو الضحية الأولى و الأخيرة لكونه لم يعد يرى في التعليم سوى فضاء لتفريغ الآلاف من المعطلين، مما يدفعه إلى التساؤل بإصرار عن مصيره في التعليم و آفاق التعليم. إن التشخيص الدقيق لوضعية التعليم في المغرب، يتطلب الوقوف على مختلف مكونات هذا النظام: ( وضعية المؤسسات التعليمية، المنهج التعليمي، وضعية الموارد المالية و البشرية و طرق استغلالها و تدبيرها...). إذ أن الوضعية التعليمية في المغرب مرتبطة بالخيارات السياسية و الاقتصادية، التي طبقتها الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من3 عقود. فالتعليم جزء من البنية المجتمعية العامة يؤثر في الواقع و يتأثر به، و السياسة التعليمية ماهي إلا انعكاس لسياسة الدولة المطبقة في مختلف القطاعات الأخرى. و قد استهدفت السياسات التعليمية المتبقية في بلادنا منذ الاستقلال، تعزيز السلطة السياسية عن طريق سلطة المعرفة، مما تسبب في إهمال النظام التعليمي و بروز الكثير من الاختلالات البنيوية. و بالتالي فان التعليم في المغرب عبارة: عن مؤسسة تقوم بإنتاج و إعادة إنتاج و تكريس نوع من الفراغ، في ظل الشروط العامة المرتبطة بالسياسة السائدة للبلاد، و التي أدت إلى نوع من التيئيس و الإحباط لدى التلاميذ، لعدم ارتباط التعليم بالشغل و التنمية. مما أدى إلى فصل تام بين العملية التعليمية و بين الأفاق التي نعرف جميعا أنها آفاق مسدودة هذا من جهة، و من جهة ثانية نجد أن المنظومة التعليمية غير منسجمة حيث نلاحظ أن هناك تعليما عموميا و تعليما خاصا. الأمر الذي جعل المؤسسات التعليمية مرتعا للظواهر الشاذة كالميوعة و الغش في الامتحانات و تدني مستوى التلميذ الذي يسيطر عليه هاجس الهجرة إلى أوروبا كحل وحيد و أوحد بالنسبة له للإفلات من قائمة ضحايا التعليم بالمغرب. لكن إن نسينا للحظات النتائج و فكرنا في الأسباب فإننا سنجد: فقدان الرغبة الحقيقية في التعليم نظرا لتدهور النظام التربوي، الذي بات يعتمد في مناهجه على نظم تقليدية محددة و جامدة، تقتل روح البحث والاستقصاء و الإبداع. دون أن ننسى أن نظام الامتحانات الموروث لم يخضع لأي إصلاح منذ نشأته، و قد اثبت قصوره في قياس قدرات الطلاب و تقييم مستوياتهم، مما أثر سلبا على الأستاذ و التلميذ على حد سواء، وهذا ما استحضره أحد الزملاء الأساتذة عندما روى لي بحرقة المنظر الذي لاحظه بإحدى المؤسسات التعليمية حيث غابت الأغلبية الساحقة من الأساتذة مع العلم أن هؤلاء مازالوا مطالبين بدروس داخل المقررات. سيطرة المنهج المادي على الفكري والتربوي جعل المعرفة معزولة عن الحكمة، و أدى إلى ضياع الجانب الأخلاقي و الديني، و بضياعه انحصر دورالتربية في نقل المعلومات و التدريب على قدر من المهارات، فأصبح بعض الأساتذة لا يفكرون إلا في التعويضات و لوائح العطل و مشاريع المدارس الخاصة ....، متناسين تماما الهدف الأسمى و الأنبل لمهنتهم. افتقار الأستاذ إلى الحرية و العفوية في طريقة إلقاء الدرس قصد توجيه التلميذ في مسار سليم، فكما تعلمنا نحن كطلبة أساتذة:" الدرس يلقى بالطارئ " فمن غير المعقول أن يكون أستاذ مرتبطا بمناهج و توجيهات واحدة و يبني بها تعلمات التلاميذ جميعهم بمختلف مستوياتهم الإدراكية و الثقافية والاجتماعية. إن النظام التعليمي التربوي هو خليط من رؤى و تصورات يعود أغلبها إلى القرون الوسطى، يتم تلوينها أحيانا بقيم الحداثة و التقدم لكن هذا لا يمنع أن نقول أننا نعيش الحداثة دون أن نكون حداثيين، و دون أن تتمكن من إعطاء نفس قوي لتكوين أجيال قادمة قادرة على تحدي الصعاب. لكن تبقى في الواقع مجموعة من الأسئلة دائمة و قائمة و عالقة مثل: هل المتعلم يحظى بالاهتمامات الأولى للذين يصنعون البرامج ؟ هل العلاقة بين الأستاذ والتلميذ علاقة إنسانية قبل أن يكون مهنية ؟ هل يعي الأستاذ معنى أنه مربي أجيال قبل أن يكون موظف عموميا؟ كامل احترامي ل"أساتذتي" الأساتذة الأجلاء بوطننا الحبيب و كامل احترامي لكل العاملين في صناعة البرامج و المناهج فأنا لا أحاول أن أملي عليكم واجباتكم فإنما أسطري هاته مجرد تذكير و ذكرى ف" جل من لا يسهو " و " إن الذكرى تنفع المومنين".. | |
|