لقد عرف المصريون القدماء الجبر فاستعملوا معادلات من الدرجة الأولى و حلوها بطرق مختلفة كما عرفوا معادلات من الدرجة الثانية و حلوا مسائل تؤدي إليها ، و أقدم ما نعرف من علم الجبر عند المصريين نجده في بردى الكاتب المصري (أحمس) التي نسخها نحو 1650ق م ، و هو يذكر أنه نقل هذه البردية عن أصل يرجع إلى نحو 1850ق م ، و يبدوا من المعلومات الرياضية الموجودة في هذه البردية تعود إلى أيام فرعون زوسر أحد ملوك الأسرة الثالثة (نحو 3000ق م ) ، و صاحب هرم سقارة المدرج أقد الأبنية الحجرية في مصر و فيها نجد ما يدل على أن المصريين القدماء قد عرفوا المتواليات العددية و المتواليات الهندسية و قد عرفوا أيضا معادلات من الدرجة الثانية مثل المعادلتين : س2+ص2=100 ، ص=3/4س ،حيث س=8 ، ص= 6 ، و هذه المعادلة هي الأساس التاريخي لنظرية فيثاغورس أ2=ب2+ج2 ، و كان المصريون يسمون العدد المجهول (كومة) .
و في حوالي 2000 ق م وضع البابليون القدماء جداول للمربعات و المكعبات و حلوا معادلات الدرجة الثانية و الثالثة ، كما عرف الإغريق الحل الهندسي لمعادلات الدرجة الثانية في عصر فيثاغورس ، و قد لمس الإسكندريون الحاجة إلى علم الجبر فبحث (ديوفانتس) الذي عاش في الإسكندرية في القرن الثالث الميلادي (250م) في حل معادلات الدرجة الثانية ذات المعاملات الموجبة ، كما عرف الهنود علم الجبر فقام (إرمابهاتا) بإيجاد عدد حدود المتوالية الحسابية التي عرف منها الحد الأول و الأساس و جموع الحدود ، و وضه (برهما جوبتا ) في القرن السابع الميلادي قاعدة لحل معامدلات الدرجة الثانية .
و لقد اشتغل العرب بالجبر و ألفوا فيه بصورة علمية منظمة ، حتى أن (كاجوري) قال : (( إن العقل ليدهش عندما يرى ما عمله العرب في الجبر .. )) و من أشهر مؤلفاتهم كتاب ( الجبر و المقابلة ) لمحمد بن موسى الخوارزمي ، و كتاب الخيام في الجبر الذي نشره (ووبك في مارس 1851م) ، قسم العرب المعادلات إلى ستة أقسام و وضعوا حلولا لكل منها ، و استعملوا الرموز في الأعمال الرياضية و بحثوا في نظرية ذات الحدين ، و أوجدوا قانونا لإيجاد مجموع الأعداد الطبيعية ، و عنوا بالجذور الصماء و مهدوا لإكتشاف اللوغاريتمات .
و في القرن الثالث عشر الميلادي بدأت العلوم الرياضية عند العرب و غيرها تنتقل إلى أوربا عن طريق الأندلس فترجموا مؤلفات العرب في العلوم المختلفة و منها الجبر فقام الرهب جوردانس (حوالي 1220م) باستبدال الكلمات في العبارات الجبرية بالرموز ، و لقد فعل معاصره (فيبوناكي) نفس الشيء فألف كتابا عن الحساب و مبادئ علم الجبر أوضح فيه تأثره بكتابات الخوارزمي و أبي كامل العلمين العربيين .
وفي القرن السادس عشر توصل العلماء إلى حل معادلات الدرجة الثالثة و الرابعة ، و في القرنين السابع عشر و الثامن عشر توصلوا إلى نتائج باهرة في بحوثهم عن متسلسلات القوى و خواصها .
و في القرن التاسع عشر بدأ اكتشاف علوم الجبر الأخرى فابتكر (هاملتون 1805-1865)جبر الرباعيات المسمى باسمه ، و نشر العالم الرياضي ( جراسمان 1809-1877) كتابا يحتوي على بعض أنواع الجبر العامة الأخرى ، و ابتكر العالم الإنجليزي (كيلي 1821-1895) جبر المصفوفات و كانت أبحاث ( بول 1815-1864) قد ظهرت منذ سنة 1854 و من بين هذه الأبحاث الجبر البولي ، كما ظهرت سنة 1881 أشكال فن لتوضيح الجبر البولي ، و اخترع بيرس سنة 1780 جبر التنسيق الخطي ، كما اتسعت فروع أخرى عديدة لا يتسع المجال لحصرها .
علم الهندسة
الهندسة هي دراسة مختلف أنواع الأشكال وصفاتها ، كما أنها دراسة علاقة الأشكال والزوايا والمسافات ببعضها ، وتنقسم الهندسة البسيطة إلى جزأين : الهندسة المستوية والهندسة الفراغية ، وفي الهندسة المستوية تدرس الأشكال التي لها بعدين فقط ، أي التي لها طول وعرض ، أما الهندسة الفراغية فتدرس الهندسة في ثلاثة أبعاد ، وتتعامل مع مفرغات مثل متوازيات المستطيلات ، والمجسمات الأسطوانية ، والأجسام مخروطية الشكل ، والأجسام الكروية ، الخ ... أي مع الأشكال التي لها طول وعرض وسمك .
أصبحت الهندسة جزءا أساسيا من العلوم المعاصرة لا يمكن إحراز أي تقدم بدونها. فهل تعرفون كيف اكتشفت الهندسة؟
أصل كلمة هندسة باللغة الإنكليزية (جيومتري)يعود إلى لغة الإغريق القديمة ، وهي تتكون من كلمتين : "جيو" ومعناها الأرض ، "متري" ومعناها قياس ، وهكذا كانوا من أوائل الذين اكتشفوا الهندسة ، ففي كل سنة كان نهر النيل يفيض فيغرق الأرياف ، مما كان يؤدي إلى إزالة علامات الحدود بين تقسيمات الأرض المختلفة ، وكانوا لذلك بحاجة إلى طريقة ما لإعادة قياس قطع أراضهم ، فصمموا طريقة لوضع علامات للأراضي بمساعدة القوائم والجبال ، وكانوا يضعون قائم في الأرض في مكان مناسب ، وكان قائم أخر يوضع في مكان أخر ، ثم يوصل القائمان بحبل يحدد الحدود ، وبوصل قائمان آخرين كانت المساحة تعلم كموقع للزراعة أو للبناء .وفي البداية كانت كل الهندسة تعتمد على الحدس والبديهة ، لكن معلما إغريقيا كان اسمه طاليس انكبَّ في عام (600) قبل الميلاد على إثبات المبادئ الهندسية بطريقة علمية ، وفي الهندسة تدعى الحقيقة " نظرية " واكتشف طاليس إثباتات لبعض النظريات فوضع بداية للهندسة الوصفية .
لكن اقليدس الإسكندري كان هو الذي منح الهندسة وضع العلم ، ففي عام (300) قبل الميلاد تقريبا جمع اقليدس كل النتائج الهندسية التي كانت معروفة حتى ذلك الوقت ، ثم نظمها بطريقة منهجية في سلسلة من (13) كتابا ، و أطلق على هذه الكتب اسم " المبادئ " ، وقد استخدمها العالم كافة قرابة (2000) ألفي عام في دراسة الهندسة ، وتطورت هندسة اقليدس على هذه المبادئ ، ومع مرور المزمن طور رياضيون مختلفون فروعا أخرى للهندسة ، ونحن في الوقت الحاضر ندرس أنواعاً كثيرة من الهندسة مثل الهندسة التحليلية ، وهندسة المثلثات ، وهندسة منكوفسكي(ذات الأبعاد الأربعة) ، والهندسة الّلا إقليديسية ، والهندسة الاسقاطية .
إننا نستخدم مبادئ الهندسة في كل حياتنا المعاصرة ، لوضع التصاميم والديكورات في المعمار والمناظر الطبيعية والحدائق ، هذا بالإضافة إلى أن الكثير من الأدوات التي يستخدمها المساحون مثل البوصلة والسدسية والمزولة و غيرها لها علاقة بالهندسة
ما هو العدد الأولي ؟
العدد الأوّلي هو عدد صحيح موجب أكبر من واحد ولا ينقسم إلا على نفسه و الواحد فقط ، أي 2،3،5،7،11،13،17،19،23 .. أي الأعداد التي لا يمكن أن تنقسم بالقسمة إلى أعداد صحيحة .
والأعداد الأوّلية هي أصل الرياضيات وقد أدهشت دائماً من يهتمون بالأرقام ، فعلى سبيل المثال يمكنكم أن تختاروا عشوائياً : 17،23،29،41 .. ويمكنكم أن تتابعوا التسلسل على هواكم ، ولن تجدوا أبداً عدداً أوّلياً ينقسم على آخر . لقد حاول أعظم الرياضيين طوال قرون من الزمن ذلك وفشلوا ، مع أنهم عجزوا أيضاً عن إثبات عدم وجود عدد كهذا .
ويمكن التعبير عن كل عدد صحيح موجب أكبر من واحد باعتباره نتيجة فقط لمجموعة واحدة من الأعداد الأوّلية ، وبالرغم من حقيقة أن الأعداد الأولية قد لوحظت منذ ما لا يقل عن (300) عام قبل الميلاد عندما درسها لأول مرة الرياضيون الإغريق أمثال أقليدس وايراتوسثينس فإنها تظل موضوع تساؤلات معينة معلقة .
ويوجد (( لا نهاية)) للأعداد الأولية ، ومن الناحية النظرية يمكن أن يحدث أي شيء في ((لانهاية)) . لكن أصحاب النظريات عجزوا حتى الآن حتى عن إيجاد قاعدة تحكم الفجوات بين الأعداد الأولية والتي ما زالت لغزاً رياضياً كبيراً .
نظرا لوجود ارتباط بين الأعداد الأولية و الأعداد التامة فارتأيت توضيح مفهوم العدد التام قبل الدخول في النظريات و الإختبارات التي وضعها العلماء لفحص الأعداد و معرفة أوليتها .
عدد من الحضارات القديمة كانت مهتمة بالعلاقات بين العدد و مجموع عوامله ، و غالبا ما تقدم تفسيرات سحرية ، و أحد هذه العلاقات أفرزت ما يسمى بالعدد التام . ( انظر تعريف العدد التام )
أول عدد تام هو 6 حيث أن : 6 = 1 + 2 + 3
و العدد التام التالي هو : 28= 1+ 2 + 4 + 7 + 14
و العددان التامان التاليان هما : 496 و 8128 .
كانت هذه الأعداد الأربعة هي الأعداد التامة المعروفة حتى عصر المسيح ، و لو جئنا إلى هذه الأعداد لتحليلها فسوف نجد أنه بإمكاننا تحليلها كالتالي : 2.3 , 4.7 , 13.31 , 64.127 ، فنلاحظ أن جميعها من الصورة لكل ( n = 2,3,5,7 )بالترتيب ، و في كل حالة هو من أعداد ميرسين الأولية ، و هنا مربط اللغز بشأن علاقة الأعداد التامة بأعداد ميرسين الأولية .
و نستطيع مما سبق أن نثبت بسهولة النظريات التالية :
نظرية 1 : يقال للعدد nأنه تاما إذا و فقط إذا كان على الصورة ، و عدد أولي .
( البرهان )
نظرية 2 : إذا كان العدد أولي فإن n يكون أوليا أيضا .
( البرهان )
نعود الآن للأعداد التامة حيث أنه لعلك لاحظت أيضا أن الأعداد التامة المذكورة و هي :
(6 , 28 , 496 , 8128 ) كلها تنتهي إما بالعدد 6 أو العدد 8 ، و هذا يمكن إثباته بسهولة ، و لكنها لا تنتهي بالكيفية المتغيرة (6 , 8 , 6 , 8 ,.. ) ، و لو كتبنا الأعداد التامة الأربعة السابقة بالنظام الثنائي فسنجد انها كالتالي :
110
11100
1111110000
111111100000
من غير المعروف حتى الآن هل هناك عدد تام فردي ، و لكن إذا كان موجودا فحتما أنه سيكون كبيرا جدا ، و الحقيقة أن هذه المسألة هي أقدم مسألة غير محلولة لحد الآن في الرياضيات .
عندما نريد النظر في أعداد ميرسن و التحقق من كونها أولية نبحث في العادة عن أي قواسم صغيرة ، و النظرية التالية لفيرمات و أويلر مهمة جدا بهذا الخصوص و هي :
نظرية 3 : لو فرضنا أن العددان p,q، فإذا كان qيقسم Mp= ، فإن
q = +/-1(mod 8)و q = 2kp + 1لبعض الأعداد الصحيحة k .
أخيرا ، نقدم النظريات التالية لتمعن النظر فيها :
نظرية 4 : بفرض أن p=3(mod 4) عدد أولي ، فإن أيضا أولي إذا و فقط إذا 2p+1يقسم Mp .
نظرية 5 : إذا جمعت أرقام أي عدد تام زوجي ( غير 6 ) ، ثم جمعت أرقام الناتج و بتكرار العملية حتى تحصل على رقم واحد فإن ذلك الرقم سيكون 1 .
بعد استعراضنا للأعداد التامة و أهم النظريات التي تربط بينها و بين الأعداد الأولية ، يبقى السؤال الذي اخترناه لهذا الفصل بدون إجابة ، و هو : كيف يتم الكشف عن الأعداد الأولية ؟
و يجدر بنا هنا أن نشير إلى أن الأعداد الأولية يمكن أن نقسمها على قسمين الأعداد الأولية الصغيرة ( الأقل من 10000000000 ) و الأعداد الأولية الكبيرة .
الأعداد الأولية الصغيرة : يمكن معرفة الأعداد الأولية الصغيرة بأحد طريقتين و هما :
أولا : غربال إيراتوستين (Sieve of Eratosthenes ):
ثانيا : طريقة القسمة ( Trial Division ) :
الأعداد الأولية الكبيرة :
و يقصد بها الأعداد الأولية الأكبر من 10000000000 ، و هناك الأعداد الأولية الأكبر و هي الأعداد التي تحتوي على أكثر من 100000 رقم ، و كان اكتشاف هذه الأعداد قبل عصر الحاسوب مقتصرا على علماء الرياضيات الكبار أمثال فيرمات و أويلر و جاوس و غيرهم حيث كانوا يستخدمون عددا من النظريات في سبيل ذلك و منها بعض النظريات التي ذكرناها سابقا ، و أحد هذه النظريات بل و أشهرها هو ما يعرف باختبار لوكاس - لهمر ، و هو اختبار ابتكره لوكاس في أواخر 1870 و وضعه على صورة اختبار مبسط لهمر في 1930 ، ثم دخل في معظم البرامج التي ظهرت لاكتشاف الأعداد الأولية مع ظهور الحاسب الآلي ، و معظم أعداد ميرسين الكبيرة تم حسابها بواسطة هذا الإختبار ، و سوف نقتصر على هذا الإختبار هنا و إلا فهناك نظريات و اختبارات أخرى .
اختبار ليكاس- لهمر :
هذا ما أستطيع الإشارة إليه فيما يخص الكشف عن الأعداد الأولية الكبيرة ، و كما قلت إن النظريات و الإختبارات المستخدمة في الكشف عن الأعداد الأولية كثيرة ، و قد حولها العلماء إلى برامج وفق لغات الكمبيوتر لتسهيل حسابها كما هو الحال في اختبار لوكاس- لهمر ، و الأمر الذي جعلني أغض النظر عن تلك النظريات هو كونها نظريات متخصصة بحيث يتطلب فهمها عدة مقدمات قد يصعب على مثلي استيعابها ، و لكن يستطيع الباحث المتخصص في ذلك أن يجدها و باللغة الإنجليزية على الرابط :
http://www.utm.edu/research/primes/prove/إسهام العلماء العرب في الرياضيات
لقد برع العرب في العلوم الرياضية و أجادوا فيها ، و أضافوا إليها إضافات هامة أثارت الإعجاب و الدهشة لدى علماء الغرب ، فاعترفوا بفضلالعرب و أثرهم الكبير في تقدم العلم و العمران .
لقد اطلع العرب على حساب الهنود فأخذوا عنه نظام الترقيم ، إذ أنهم رأوا أنه أفضل من النظام الشائع بينهم و هو نظام الترقيم على حساب الجمل ، و كان لدى الهنود أشكال عديدة للأرقام ، هذب العرب بعضها و كونوا من ذلك سلسلتين ، عرفت إحداهما بالأرقام الهندية و هي التي تستعملها هذه البلاد و أكثر الأقطار العربية و الإسلامية و هي ( 1 ، 2، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 7 ، 8 ، 9 ) ، و عرفت الثانية بالأرقام الغبارية ، و قد انتشر استعمالها في بلاد الغرب و الأندلس ، و عن طريق الأندلس دخلت هذه الأرقام إلى أوروبا و عرفت باسم الأرقام العربية (Arabic Number ) و هي :
( 1,2,3,4,5,6,7,8,9 ) ، و ليس المهم هنا تهذيب العرب للأرقام و توفيقهم في اختيار هاتين السلسلتين أو إدخالهما إلى أوروبا ، بل المهم هو إيجاد طريقة جديدة لها و هي طريقة الإحصاء العشري ، و استعمال الصفر لنفس الغاية التي نستعملها الآن .
و كان الهنود يستعملون ( سونيا ) أو الفراغ لتدل على معنى الصفر ، ثم انتقلت هذه اللفظة الهندية إلى العربية باسم ( الصفر ) ، و من هنا أخذها الإفرنج و استعملوها في لغاتهم ، فكان من ذلك (Cipher ) و (Chiffre) و من الصفر أتت الكلمة (Zephyr) و (Cipher) ثم تقلصت عن طريق الاختصار فأصبحت (Zero)
و من المعروف أن للأرقام الرومانية أشكال عديدة بحيث يصعب تعلمها بسهولة ، و لما جاء العرب شعروا بصعوبتها فنقبوا في الأرقام الهندية فوجدوا أن فكرتها أفضل بكثير من السابقة فأخذوا عن الهنود أرقامهم بعد أن طوروها وشذبوها لتكون أكثر فعالية ، و لهذه الأرقام العديد من المزايا منها :
أنها تقتصر على عشرة أشكال بما فيها الصفر ، و من هذه الأشكال يمكن تركيب أي عدد مهما كان كبيرا بينما الأرقام الرومانية تحتاج إلى أشكال عديدة و تشتمل على أشكال جديدة للدلالة على بعض الأعداد .
و من مزاياها أيضا - أي الأرقام العربية أو الهندية - أنها تقوم على النظام العشري ، و على أساس القيم الوضعية بحيث يكون للرقم قيمتان : قيمة في نفسه ، كقيمة الأربعة في العدد 4 ، و قيمة بالنسبة إلى المنزلة التي يقع فيها ، كقيمة الثلاثة في العدد 234 و هي ثلاثين .
و لعل من أهم مزايا هذا النظام هو إدخال الصفر في الترقيم و استعماله في المنازل الخالية من الأرقام ، و لسنا بحاجة إلى أنه لولا الصفر و استعماله لما فاقت الأرقام العربية و الهندية غيرها من الأرقام ، و لما كانت لها أية ميزة ، بل لما فضلتها الأمم على الأنظمة الأخرى المستعملة في الترقيم .
و للصفر فوائد أخرى ، فلولاه لما استطعنا أن نحل كثيرا من المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات بالسهولة التي نحلها بها الآن ، و لما تقدمت فروع الرياضيات تقدمها المشهود ، و كذلك لم تتقدم المدنية هذا التقدم العجيب .
و من الغريب أن الأوربيين لم يتمكنوا من استعمال هذه الأرقام إلا بعد انقضاء قرون عديدة من اطلاعهم عليها ، أي أنه لم يعم استعمالها في أوروبا و العالم إلا في أواخر القرن السادس عشر .
لماذا لا توجد جوائز نوبل في الرياضيات ؟
جوائز نوبل من الجوائز المشهورة عالميا ، أسسها الكيميائي السويدي الفريد نوبل (Alfred Nobel ) ، و تخصص في عدد من العلوم الطبيعية و الإنسانية حيث تقدم في المجلات التالية ( السلام ، الآداب ، الكيمياء ، الفيزياء ، الطب ) ، و لكن السؤال الذي قد ينطرح هو : لماذا لا توجد جوائز نوبل في الرياضيات ؟
أحد الأسباب الشائعة للسؤال هو أنه تقدم لخطبة امرأة و كانت تخادعه و رفضته حيث فضلت عليه رجل رياضي شهير من السويد هو جوستا متاج لفلر (Gosta Mittag-Leffler ) ، الأمر الذي أدى إلى رفضه تقديم جائزة في الرياضيات .
و الكثير من الكتاب لم يتقبلوا هذه الشائعة لعدم وجود أدلة تؤيدها، و معروف أن نوبل لم يتزوج أبدا .
أما الأسباب التي من الممكن أن تبرر سبب عدم تقديم جائزة نوبل في الرياضيات فهي ثلاثة :
أولا : أن نوبل لم يكن محبا للرياضيات بل و للعلوم النظرية بشكل مطلق ، و كان الرياضيات آنذاك و في منطقته لا تعتبر من العلوم التطبيقية التي تفيد البشرية ، و كان جائزته مهتمة بالإختراعات و الإكتشافات .
ثانيا : جوستا متاج لفلر هو أحد الرياضيين البارزين في السويد في أواخر القرن التاسع عشر و أوائل القرن العشرين ، و هو مؤسس صحيفة (Acta Mathrmatica ) في الرياضيات ، و كان رجل مهم في المجتمع و على صلة بالملكة ، و كانت بينه و بين نوبل عداوة و حقد لأسباب و أخرى يعللها البعض بحسد نوبل لجوستا بسبب قربه من الملكة ، و يعلل البعض بسبب كره نوبل للرياضيات ، و قال أخرون أن جوستا كان لا يحب الإحتكاك بنويل بسبب اختراعه للديناميت ، و على كل حال كانت العداوة هذه سبب في رفض نوبل تقديم جائزة في الرياضيات حتى لا ينالها خصمه اللدود .
ثالثا : كانت هناك جائزة معروفة مخصصة للمبدعين في الرياضيات في ذلك الوقت بالسويد ، فيحتمل أن نوبل كان على معرفة بها ، و بالتالي لم يحبذ أن تكون هناك جائزتين في مجال واحد .