إن التلاميذ الذين لا يشاركون شفويا وبصفة فعالة داخل القسم لا يعني أنهم متخلفون في مستواهم الدراسي، إذ نجد بعضهم يحصل على نتائج جيدة في الفروض الكتابية.
.إذن لا بد أن تكون وراء هذا الغياب عوامل متعددة ومتنوعة.فمنها ما هو نفسي يرتبط بنفسية التلميذ، وما هو اجتماعي يرتبط بالوسط الاجتماعي الذي نشأ فيه، ومنها ما هو يتعلق بظروف العملية التعليمية- التعلمية.
1) العوامل النفسية: إن الحديث عن هذه العوامل يجرنا إلى الحديث عن الأزمات التي تزخر بها مرحلة التلميذ المنخرط بالمستوى الإعدادي وهي أزمات كثيرة نقتصر على ذكر بعضها: فهناك الانطوائية والخوف والخجل وعدم الثقة بالنفس.
فهذه كلها أزمات تحد من نشاط التلميذ داخل جماعة الفصل ويستحيل تمييز بعضها عن البعض الآخر فهي حلقات في سلسلة واحدة
إن من شأن هذه الأزمات أن تساهم في كبح جماح نشاط التلميذ داخل الفصل وتجعله يلزم الصمت مخافة أن يجابه برفض ما قد طرحه، وغالبا ما يلوذ بالصفوف المتأخرة لتقيه شر الظهور والمشاركة أو تجعله منكمشا غير راغب في البوح بمكوناته والتعبير عن أفكاره مخافة عدم قدرة الآخرين على التجاوب مع آرائه عند محاولته المشاركة داخل جماعة قسمه.
2) العوامل الاجتماعية: إن الأزمات النفسية التي تطبع شخصية التلميذ تعود بطبيعة الحال إلى المحيط الاجتماعي الذي أفرزه وترعرع فيه، فالتربية التي تلقاها في سنواته الأولى تغرس فيه مجموعة من القيم واللبنات التي تساهم في تكوين شخصيته استقبالا، بحيث لا يجب أن ننكر ما للتربية الأولى في الأسرة من أثر عميق في تحديد هذه الشخصيات وتشكيلها.
وخلاصة القول، إن غياب مشاركة بعض التلاميذ الشفوية داخل الفصل مرده لأسباب متعددة ومتداخلة ترتبط بوشائج قوية يستحيل الفصل بينها إلى حد كبير.
غير أن هذه العوامل ليست وحدها التي تعيق نشاط هؤلاء التلاميذ، بل هناك أسباب أخرى تساهم في هذه المشاركة وإعاقتها، وهي أسباب ترتبط أساسا بظروف العملية التعليمية- التعلمية.
3) العوامل التربوية: إن العملية التعليمية من أكثر الظواهر الإنسانية تشابكا وتعقيدا، وذلك بسبب تعدد العوامل والمؤثرات المحيطة بها، فهناك شخصية الأستاذ التي ترتبط بمجموعة من الشروط تتوفر عند البعض ويفتقر إليها البعض الآخر، إذ لكل واحد ميولا واتجاهات خاصة ومنظومة قيمية تميزه عن غيره والتي تحدد انتماءه الاجتماعي والثقافي ونمط تكوينه التربوي والعلمي، مما يميز تدريسه ويطبعه بطابع متفرد ، وانطلاقا من هذا التصور يمكن أن نميز بين صنفين من المدرسين، فهناك المدرس المرح الذي يخلق بحضور شخصيته جوا مشوقا، وهناك المدرس الذي يأبى إلا أن يظهر أمام تلامذته بمظهر وقور وجدي إلى أبعد الحدود.
هذه بعض الاقتراحات التي من شأنها أن تساعد على محاربة الظاهرة الخطيرة التي تلازم حجراتنا الدراسية ، ومن جملتها :
1- على الأستاذ أن يتفهم شخصية الطفل ويتعرف أيضا على اهتماماته وانشغالا ته.
2- ضرورة انفتاح المدرسة على محيطها الخارجي وربط العلاقة بينها وبين الأسرة.
3- استغلال المنهاج التعليمي الذي يساير خصوصيات الطفل المغربي.
4- اعتبار التلميذ الفاعل الحقيقي والمحور الأساسي في العملية التعليمية- التعلمية.