النظام هو متعة العقل.اما الفوضى فهي لذة الخيال.هكذا تحدث بول كلوديل احد العلماء النفسيين الذين ساهموا كثيرا في علم النفسي التربوي.حيث اعتبر ان ظاهرة الشغب ليست قدرا منزلا من السماء بل هي نتيجة لعوامل نفسية واجتماعية واحيانا ذهنية يتداخل فيها المتدخلون بين الاسرة والمدرسة وجو الفصل وجو المدرسة والنظام العام للبلد.عوامل متقاربة ومتباعدة تساهم في انتاج الفوضى او الشغب كسلوك فردي قبل ان يتحول الى سلوطك جماعي. وفي اعتبار عدد من علماء النتفس والتربية ان المدرس هسؤول الى حد كبير عن جو التعلم في فصله وان لشخصيته وسلوكه واساليب تواصل الدور الرئيس في فرض جو الانضباط او ترك الامور لقرار سلوكي من التلميذ والذي غالبا ما يكون الشغب.فالتلميذ من طبعه اللعب والميل الى تجنب التعب واذا ما خيًر بين الدراسة واللعب فسيختار اللعبفي جل الاحوال لانه يحقق متعة ظرفية عكس جو الفصل الذي غالبا ما يبعث على الملل والاحساس بالقيد. فكيف يمكن ان للمعلم ان يتفادى
الشغب على المستوى المنهجي؟
في عرف الكثير من علماء التربية ان الشغب كسلوك فردي مرتبط بنفسية المتعلم واحساسه بالقيد طوال ساعات معينة في الفصل.بالتالي فان اقباله على الضجيج شكل من اشكال الانتقام من تلك السلطة التي تحجب حريته المطلقةويزيد الامر استفحالا حينما تكون سلطة المعلم تسلطا ولا تنبني على الحوار والاقناع.بل ان هذا الضجيج ينصرف من معلم الى اخر.فاذا كان هذا المعلم متسلطا فض التعامل وقاسي التعبير فان التلاميذ يخافونه فقط دون ان يحترموه ويستغلون اول فرص تكون فيها السلطة غير موجودة للتخفيف من الضغط المفروض عليهم ,سواء في حصته او في حصة معلم اخر قد يكون ضحية لزميله.اذا فالمعلم الى جانب الادارة هما المسؤولين عن مستوى الانضباط السائد داخل الفصل وداخل المؤسسة التعليمية ومن شأن سلوكهم ان يساهم او يحد من الشغب والفوضى.ويمكن ذلك عن طريق توفير انشطة مثيرة ومحفزة للتلميذ بالاعتماد على اهتمامات التلميذ ورغباته ومحاولا ما امكن الابتعاد عن مواضيع بعيدة على اهتمام التلميذ.وايضا بتنظيم حلقات دورية من اجل فتح باب الحوار عن مواضيع معينة خارج نطاق المقرر حتى يكون هناك قدر اكبر من التواصل.ونفس الدور يمكن ان تلعبه الادارة المدرسية من خلال تفعيل ادوار النوادي المدرسية وتخصيص حيز زمني وبرنامج وميزانية معينة للانشطة المدرسية حتى يجد هذا التلميذ المجال للتخفيف من ضغط الدراسة وروتين الفصول.
من السهل ملاحظة حقيقة اجتماعية مفادها ان الشغب يرتبط ارتباطا اكبر بالمحيط الاجتماعي الاكثر تضررا.ففي الاحياء الشعبية تسود الفوضى اكثر عكس الاحياء التي يقطنها اغنياء وهذا الواقع ينتقل مباشرة الى المؤسسات التعليمية.لكننا قلما نتساءل عن السر وراء ذلك.فهذه الاحياء تظم عددا اكبر من المشاكل الاجتماعية التي تنتجها الحاجة والظروف الصعبة ومستوى غير كاف من الوعي التربوي عند العامة. ومن الطبيعي ان ينعكس ذلك على سلوك الطفل اما بجعله ساخطا عن وضعه وثائرا او بجعله على هامش الفاعلية وقليل من شلكت ظروفهم الصعبة حافزا لهم للتعلم ,وتفادي كل ما من شأنه ان يسيئ لهم.هذا النوع من الشغب الذي ينجه هؤلاء بحاجة الى معالجة نفسية واجتماعية تبدأ من مجالات عيشهم بمحيطهم الاسري خاصة.
الشغب ليس صفة متوارثة او مجرد سلوك احمق عابر.بل هو منظومة متداخلة من التراكمات التي تعبر عن ذهن متطور يمكن ان يتعلم السلبي والايجابي وان لم نحرص جيدا على تحيين هذا السلوك وتقويمه فسيغلب السلبي عن الايجابي.خاصة ونحن في عالم انهارت فيه منظومة القية وانقلبت المعايير حتى صار المشاغب قدوة والمنضبط مجرد جبان.